erorr

الرئيسية - المقالات - هل بعض الاطفال يولدون بذكاء عاطفي مرتفع أم هي نتائج لتربية الوالدين؟

هل بعض الاطفال يولدون بذكاء عاطفي مرتفع أم هي نتائج لتربية الوالدين؟

هل بعض الاطفال يولدون بذكاء عاطفي مرتفع أم هي نتائج لتربية الوالدين؟

أظهرت دراسات أجريت في جامعة إيموري يونيفرسيتي في أمريكا (Emory University) أن الذكاء العاطفي لدى الطفل هو نتاج مُمارسة الآباء مهارات الذكاء العاطفي، وليست لتجربتهم الشخصية مع الألم العاطفي، إذناً فالأطفال يتعلمون مهارات الذكاء العاطفي من آبائهم، فهم أفضل مصدر للتعلم (برادبيرى و جريفز، 2010)، إضافة أن هناك فروقاً فردية بين الأطفال ولو كانوا أقراناً بكفية ردود أفعالهم حيال التعامل مع التحديات (سعد، 2009).

وتتميز كل مرحلة من مراحل تربية الأطفال بعواطف قوية وتظهر بطرق جديدة، فالطفل البالغ عامين ليس كالمرحلة للبالغ بين الرابعة والسابعة، فتجربة الطفل ذي العامين ربما تجربة سعيدة لأبوين، ومحبطة لآخرين، أما الأطفال ما بين الرابعة والسابعة ربما يستمتع الآباء باستخدام أطفالهم لكلمات يعبرون عن مشاعرهم، ولكن يتورطون أحياناً في دراما ممتدة حول أشياء تبدو تافهة. وبالمقابل، يبدأ الأطفال قبل مرحلة المراهقة بتحمل المسؤولية عما يفعلونه تجاه مشاعرهم، خلاف ما يمر به المراهقون من مشاعر وعواطف (وهرمونات!) معقدة لم تؤهلهم خبراتهم في الحياة بعد للتعامل معها (برادبيرى و جريفز، 2010).

فأول خطوة تساعد به طفلك على فهم عواطفه هو أن تجعل الشعور بها أمراً مسموحاً، وغالباً ما يكون تقبل عواطف طفلك واحتوائه تصرفاً بسيطاً وعادياً، مما يَكون الأثر المتراكم على مشاعر طفلك بعمق ورسوخ. فمن المسموح أن نتقبل أفكارنا ومشاعرنا المبررة والمقبولة في مواقف مؤلمة، لا يستطيع الأطفال الصغار التفكير في الأحداث بطريقة معقدة، غير أن عقولهم تتشرب تجاربهم مثل الإسفنج، إنك تشكل طفلك كل يوم بتعليمه كيف يتعامل مع مشاعره (برادبيرى و جريفز، 2010)، إضافة بأن الأطفال لديهم تحديات حيال ردود أفعالهم، فإن حصول طفل على درجة منخفضة في مادة دراسة له عدة سيناريوهات، مثال بأن تظهر عليه علامات الغضب الشديد ناهيك عن البكاء أو الصراخ، أما طفل آخر محتمل أن يستخدم مشاعره لحثه على المذاكرة -بشكل أفضل- في المرة القادمة على الرغم من غضبة أيضاً (سعد، 2009).

خلاف عن السياق السابق للمواقف الصعبة والتي تنتج عن فعل أحمق يقدمه طفلك، هنا تختلف الاستجابة فيتعين عليك إيصال الرسالة لطفلك بطرق أخرى، مثل نبرة الصوت، وسرعة التصرف بردة الفعل، فالاستجابة التي تظهر أنك تفهم مشاعره الغاضبة (ونحن جميعاً نغضب، أليس كذلك) سوف تجعله يتعلم عن ضبط النفس في المرة القادمة (برادبيرى و جريفز، 2010).

أتفهم ما ستشعر به من ضيق وألم عندما تشاهد طفلك يُعرّض نفسه للإيذاء أو يؤذي طفلا آخر، فعليك إدراك إن الأطفال يعبرون عن مشاعرهم من خلال أفعالهم، ومُهِمَتُك هي أن تكون المثل والقدوة في تَقبّل العواطف وتفهمها، وتدريبهم على استغلالها بطريقة مثمرة، فكل ما تقوم به كَمُربِ يزيد من احتمالية قيام أطفالك لذات السلوك في مواجهة التحديات، -وعلى المدى البعيد- سوف يكبر الأطفال ليصبحوا أشخاصاً ناضجين يعرفون كيف يُحسنون علاقاتهم ويُديرون سلوكهم من أجل الحصول على  ما يريدونه في الحياة (برادبيرى و جريفز، 2010).

الباحثون في مجال الذكاء العاطفي لدى الأطفال يقومون بدراسة العمليات الوجدانية في النمو الاجتماعي للأطفال خلافاً لدى الكبار الذين يقومون بدراسة الأحكام والسلوك لديهم، ولهذا المشاعر أو الوجدانيات لها دوافع قوية للسلوك، وإنها أيضاً ميكانيزمات مهمة تساعد في عملية الاجتماعية (هي تلك العملية التي يقوم من خلالها الأطفال بتذويت القيم، والمعايير، والأخلاقيات الخاصة بوالديهم وبمجتمعهم الأكبر)، فوجدانيات الأطفال هي أحداث تقع بشكل طبيعي لديهم، ويستطيع الوالدان صياغة استجابات الأطفال للسلوكيات والأحداث والناس (سعد، 2009)، إضافة بأن المعلمين ووسائل الإعلام تعلب دوراً هاماً أثناء نمو الطفل.

بمرور الوقت، يصبح للأطفال ردود الفعل الوجدانية بشكل طبيعي في المواقف المناسبة، وتعمل كمصادر داخلية للدافعية والقيد، ولهذا على مقدمي الرعاية للأطفال كانوا الوالدين أو المعلمين إلى تهيئة بيئة تُشجع فيها الأطفال على أخذ منظور الآخرين، وتخيل ما يشعر به الآخرون، وأن يكونوا جادين وفعالين في الحوار مع أطفالهم عن مشاعرهم (سعد، 2009)، ولهذا يعتبر تعليم طفلك من خلال عواطفه شيئا صعباً ومزعجاً تماماً مثل مُواجهتك عواطفك أنت، وللتقدم عليك اختبار الاستجابة الأكثر فعالية وليست الاستجابة الأسهل أو المتاحة أمامك، فبكل بساطة لك ولطفلك لتصبح واعياً لعواطفك التي تُحركك، يعني تنمية أكبر لمهارات الذكاء العاطفي لتُدرك إلى أين عواطفك ستأخذك (برادبيرى و جريفز، 2010).

فيمكن للوالدين نمذجة السلوكيات الوجدانية الإيجابية أو السلبية وتدريبها لدى أطفالهم عن أساليب التعبير الوجداني، فسوء المعاملة الوالدية تُنتج عنها خلل وظيفي لدى أطفال المدرسة الابتدائية في تنظيم الذات، مثل صعوبة في مجابهة الضغوط، والعواطف المكتئبة، والغضب الملحوظ (سعد، 2009)، فالوالدين هما الأداة الأولى لنمذجة سلوك أطفالهم اتجاه فهم الوجدانيات وما ينتج عنها من سلوك.

المراجع:

برادبيرى. ترافيس و جريفز. جين، 2010، الكتاب السريع للذكاء العاطفي، الطبعة الأولى، مكتبة جرير، المملكة العربية السعودية، الرياض.

سعد. مراد علي عيسى، 2009، الذكاء الوجداني من منظوري علم النفس التربوي وعلم النفس الإيجابي، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية، القاهرة.